زلزال في الميركاتو: كيف أعاد الهلال والنصر رسم خريطة القوة في الدوري السعودي بصفقات نارية؟

مع فتح نافذة الانتقالات الصيفية لموسم 2025-2026، يشهد الدوري السعودي للمحترفين حراكًا غير مسبوق، تقوده كالعادة قوى كروية لا تعرف الكلل، وعلى رأسها قطبا العاصمة الرياض: الهلال والنصر. لم تعد الصفقات مجرد تدعيمات فنية، بل أصبحت بيانات قوة ورسائل تحدٍ مباشرة للمنافسين، في سباق محموم نحو الهيمنة على المشهد الكروي المحلي والآسيوي. هذا الصيف، يبدو أن الهلال والنصر قد قررا رفع سقف المنافسة إلى مستوى جديد، من خلال صفقات نوعية من العيار الثقيل، لا تهدف فقط إلى حصد الألقاب، بل إلى إعادة تعريف موازين القوى بشكل جذري.

الهلال: استراتيجية "العمق والتنوع" لترسيخ الزعامة

بعد موسم تاريخي حطم فيه الأرقام القياسية، لم يركن الهلال إلى أمجاده، بل تحرك بسرعة وقوة في سوق الانتقالات، مستهدفًا تعزيز صفوفه بأسماء عالمية قادرة على إحداث الفارق. الصفقة الأبرز التي هزت الأوساط الرياضية كانت التعاقد مع المهاجم الأوروغوياني **داروين نونيز** من ليفربول. هذه الصفقة لا تمثل مجرد إضافة هجومية، بل هي تأكيد على أن طموح "الزعيم" يتجاوز الحدود المحلية ليصل إلى العالمية، خاصة مع المشاركة المرتقبة في كأس العالم للأندية. انضمام نونيز يعني امتلاك الهلال لخط هجوم فتاك يضم أسماءً مثل ألكسندر ميتروفيتش، مما يمنح المدرب خيارات تكتيكية واسعة وقدرة على التدوير دون التأثير على الجودة.

لم يتوقف الهلال عند هذا الحد، بل عزز دفاعه بالتعاقد مع الظهير الفرنسي **ثيو هرنانديز** من ميلان الإيطالي، وهو لاعب يجمع بين الصلابة الدفاعية والقدرة الهجومية الفائقة. كما أضاف لاعبين محليين مميزين مثل علي لاجامي من الغريم التقليدي النصر، وعبدالكريم الدارسي من الأهلي، مما يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى بناء فريق متكامل يمتلك دكة بدلاء لا تقل قوة عن الأساسيين. هذه التحركات المدروسة تظهر أن الهلال لا يسعى فقط للفوز، بل يسعى للسيطرة المطلقة على كل البطولات التي يشارك فيها.

النصر: ثورة "الجودة والخبرة" لمطاردة الحلم

في المقابل، لم يقف النصر مكتوف الأيدي. "العالمي" الذي يضم في صفوفه الأسطورة كريستيانو رونالدو، أدرك أن المنافسة تتطلب أسماءً كبيرة وخبرات دولية. التحرك الأبرز كان بالتوصل لاتفاق لضم الجناح الفرنسي **كينجسلي كومان** من بايرن ميونخ، وإتمام صفقة الدولي الإسباني **إينيغو مارتينيز** من برشلونة. هاتان الصفقتان تعالجان نقاط ضعف واضحة عانى منها الفريق في الموسم الماضي، حيث يضيف كومان سرعة ومهارة فائقة على الأجنحة، بينما يوفر مارتينيز صلابة وخبرة كبيرة في قلب الدفاع.

بالإضافة إلى ذلك، كان التعاقد مع البرتغالي **جواو فيليكس** من تشيلسي بمثابة ضربة معلم، حيث يضيف لاعبًا شابًا وموهوبًا قادرًا على اللعب في مراكز متعددة في خط الهجوم. هذه الصفقات، إلى جانب عودة المعارين المميزين، تظهر أن النصر عازم على بناء فريق متوازن وقوي، قادر على المنافسة بقوة على لقب الدوري الذي غاب عن خزائنه، وتحدي الهلال على كل الجبهات. السؤال الذي يطرحه الجميع الآن: هل ستكون هذه التعاقدات كافية لسد الفجوة مع الهلال وتحقيق طموحات الجماهير النصراوية؟

رأي تحليلي

إن ما نشهده في سوق الانتقالات الحالي ليس مجرد سباق تسلح بين ناديين، بل هو انعكاس لاستراتيجية أوسع تهدف إلى رفع قيمة ومستوى الدوري السعودي ككل. الهلال يتبع سياسة "البناء على النجاح"، حيث يعزز فريقًا بطلًا بأسماء عالمية لضمان استمرارية الهيمنة وتوسيع الفجوة مع المنافسين. استقطاب لاعبين في أوج عطائهم مثل نونيز وهرنانديز هو رسالة واضحة بأن الهدف هو المنافسة على ألقاب عالمية.

أما النصر، فيتبع سياسة "سد الثغرات وتصحيح المسار". صفقات كومان ومارتينيز وفيليكس هي صفقات جراحية تهدف إلى معالجة مشاكل محددة في الفريق. النصر يراهن على أن هذه الجودة المضافة، بقيادة شخصية ملهمة مثل رونالدو، ستكون كفيلة بإعادة الفريق إلى منصات التتويج. الصراع بين استراتيجية "الاستمرارية والتطوير" لدى الهلال، واستراتيجية "الثورة والتصحيح" لدى النصر، هو ما سيشعل المنافسة في الموسم القادم ويجعل من ديربي الرياض معركة تكتيكية من طراز عالمي.

— تحليل: المحرر الرياضي - فالكون كورة